بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلّم على إمام المجاهدين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين وبعد:
كثر السؤال من كثير من الحيارى في شأن التعايش مع اليهود والنصارى أو أي كافر أو مشرك بين ظهراني المسلمين سواء في دولهم ]ديار الحرب[ أو في دول المسلمين ]ديار السلام[ ولما حَرِصَ كثير من إخواننا ألا يتعدوا في معاملتهم للكفار حدود الله قمت بوضع الخطوط العريضة للتعامل بيننا وبين الكفار من الكتابيين أو الوثنيين أو غيرهم؛ بضوابط إسلامية وضعها لنا الشارع سبحانه ونبيه صلى الله عليه وسلم وأحسب أنها منجاة لمن تمسك منها وكافية وافية تُغني من يسأل عنها وقد أجزتها في نقاط وهي:
1- بدأهم بالسلام: فلا يبدأ المسلم اليهودي أو النصراني بصيغة السلام وهي "السلام عليكم" لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واضطروهم إلى أضيق الطريق) – متفق عليه , ولإمتعاض غالبيتهم عن الرد عليها, ولا بأس إن شاء الله ببدأهم بـ"مساء الخير" أو ماشابها من التحيات العُرفية خاصة إذا كان الأمر في ضرورة وتجنب ذلك قدر الإمكان وذلك أن النهي كان عن إلقاء "السلام" عليهم وليس "التحية"؛ وظاهره أنه لا سلام لهم ولا أمان من غير الإسلام وهذا قول حسن إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مامن يهودي أو نصراني من هذه الأمة (أمة التلبيغ) يسمع بي ثم لا يؤمن إلا دخل النار) - مسلم.
2- التعزية: يجوز للمسلم تعزية الكتابي أو الكافر مع مراعاة الألفاظ الدارجة في التعزية كما فعل سلفنا الصالح؛ فلا يقول مثلا ً (تقبَّل الله ميتكم) أو (رحم الله ميتكم) أو (عظَّم الله أجوركم) فهذه كلمات باطلة الإستعمال مع الكفار, فالله لا يتقبل الكافر إلا في نار جهنم وبئس المصير إلا أن يكون من أهل الفترة ولا يرحمه لإنه مات غير مؤمن به ولا يُعظِّم أجر ذويه لإن أعمالهم سراب وهم على الكفر وأعمال الكُفر لا تُعظَّم؛ ولكن يجوز أن يقول له (البقاء لله) أو (الحياة صعبة) أو (إشدد حيلك) فهذه الكلمات لا تخالف معتقدا ً شرعيا ً ولا حرج فيها إن شاء الله وأيضا ً يدعو له بالهداية والفلاح قبل نار وحريق لا ينفع معها وشاح والله المستعان.
3- تهنئتهم في أعيادهم: وهذا مفرق خطير, وتهاون فيه كثير من المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ وعلى المسلم أن يثبت ولا يضيره من يخذل أمر الله ممن يدعي الإسلام فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (نحن قوم لا نعرف الحق من الرجال ولكن نعرف الرجال من الحق) فمن يعرف الحق يعرف أهله, وأعياد الكفار تتعلق في غالبها بمناسبات دينية, فللنصارى عيد الغطاس وهو عيد يعتقدون فيه أن المسيح غطس في نهر الأردن حين تعميده من يوحنا المعمدان (النبي يحي), وعيد القيامة الذي يعتقدون فيه بقيامة المسيح من بين الأموات وأعياد أخرى كفرية كالكريسماس والهاجانا وغيرها توقع من يحتفل فيها في المهلكة, فإن قيل: لماذا لا نهنئهم بأعيادهم وهم يفعلون هذا مع أعيادنا ؟! نجيب: هم يهنئونا بأعيادنا لإنها لا تخالف معتقدهم؛ وهناك بون شاسع بين الأمرين فلو كان للمسلمين عيد مثلا ً إسمه (عيد إنكار موت المسيح على الصليب) لناقض هذا معتقدهم في موت المسيح المزعوم وصلبه ولناقض أيضا ً عقيدة الفداء؛ فبكل حتمية لن يهنأونا على هذا العيد ولذلك نحن لا نهنأهم بأعيادهم لإنها تخالف معتقدنا ولإنها زور والله يقول (والذين لا يشهدون الزور) قال إبن كثير والقرطبي : "أعياد الكفار".
4- مجالستهم: يحرص المسلم على ألا يجالس الكفار إلا أن يدعوهم إلى دين الله أو في حالات إضطرار شديدة كإجبار عليه من مدرسة أو جامعة أو غيره؛ وأن يُفسح لغيره من المسلمين المجالس وأن يجالس إخوانه من الإيمان ويؤثرهم بذلك عِوضا ً عن أهل النيران.
5- إعطائهم الهدايا: لا يجوز بأي حال شراء هدايا لهم وعلى فاعل هذا التوبة وعدم العودة إلى ذلك لإن فقراء المسلمين أولى بهذا المال عمن سواهم وكما قال نبينا عن مال المرئ في سؤاله (..وعن ماله من أين إكتسبه وفيما أنفقه) ولذلك يجب على المسلم توخي الحذر في إنفاق ماله في جهات مسؤوله.
6- البيات معهم: لا يجوز البيات مع كافر تحت سقف بيت واحد إلا المُكره أو المضطر وذلك لضرر كبير يُلحق بعقيدة المرء إذ أن هذا يُدخل الألفة بشكل غير مباشر.
7- إطالة الإقامة في أراضيهم: وأراضي الكفار يحرم على المسلم الإقامة فيها إقامة طويلة إلا من إضطر, لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إني برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين؛ لا توارى نارهما)- أبو داود, خصوصا ً أن ديار الحرب هي هدف مشروع للمجاهدين وتجنبا لوقوع إصابات من المسلمين هناك وأيضا ً لإن كثرة الإقامة هناك كفيلة بذوبان كثير من معتقدات المسلم وتقبله للحكم الوضعي الكفري الطاغوتي وإبداله بشرع الله وإحلال مكانه شريعة الجاهلية؛ ونتائج هذا كارثية وهذه من أهم الأسباب لنشوء العلمانيين والليبرالين في بلاد المسلمين فأكثرهم إغتربوا وفي قلوبهم إيمان أو بعض إيمان ورجعوا وقلوبهم من الإيمان خاوية على عروشها.
8- المزاح معهم ومحابتهم أو مودتهم: وهذا منهي عنه إلا في ضرورة أو خِداع في حرب فالحرب خدعة؛ أما دون ذلك فلا يجوز المزاح معهم ولا يُقابل هذا بالعبوس في وجوههم ولكن بالحديث معهم بشكل عادي إذ أن المزاح يورث في القلب مودة وحب وولاء لهؤلاء وهذا نهى عنه الشارع {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ }.
9- العدل معهم: فلا يجرمن المسلم بغضه لأي كافر فيظلمه وهذا محرّم على المسلمين, بل يجب العدل بصورة مطلقة في حال تخاصم أو مظلمة أو ماشابه لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
10- عدم نهبهم وأخذ أموالهم بغير وجه حق وغدرهم: كسرقتهم بحجة أنهم "كفار" أو ماشابه وهذه حجج باهتة وغير مأخوذ بها؛ ولا يجوز الحول على مال الكافر إلا في الحروب أو أن يكون حربيا ً.
11- مجادلتهم بالتي أحسن إلا من ظلم: فمن أهل الكتاب والمشركين والكفار من يلين معه الخطاب ومنهم من لا يفله إلا السيف؛ فجدال من أحسن لا يكون إلا بالتي هي أحسن وجدال من أساء لا يكون إلا بالتجاهل أو عدم الخوض أو السيف.
12- عدم سب آلهتهم: كأن يتم حرق صور معابدهم أو ماشابه حتى لا يسبوا الله عدوانا ً بغير علم {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } ولا يدخل في هذا الإمتثال لما أمر به الله كتحطيم أصنامهم التي يعبدونها من دون الله في ديار المسلمين وماشابهها من أمور.
13- حضور أفراحهم: يُكره حضور أفراحهم خاصة وأن الإختلاط والرقص والمجون والخنا من عادات ما يفعلونه في الأفراح؛ ولكن لا بأس بتهنئته بالزواج والدعاء له بالهداية عسى الله أن يُنجب من بين عصعصه من يوحد الله ويؤمن بالرسول, فأبو إبراهيم كان كافرا ً مشركا ً وإبنه أبو الأنبياء فانظر قدرة الباري.
14- العمل معهم: كان مشهود لبعض من صحابة رسول الله أنهم عملوا تحت إمرة يهود في تجارة وليس في الأمر حرج طالما أنه لا يفتنه في دينه ولا يضيق عليه تأديته على الوجه الذي يُرضي الله سبحانه وتعالى.
15- حضور كنائسهم ومعابدهم: لا يجوز دخول الكنيسة أو الكنيس (Synagogue) إلا أن يكون المسلم داعيا ً فيه إلى الله على بصيرة؛ أما الدخول إليها للتمتع ولأخذ ثقافة وهذه الحجج الواهية فلا يجوز ذلك بل يحرم إن تكرر وأديم.
16- عدم الخوض في الأمور العقائدية معهم: خاصة إن كان المسلم قليل الإيمان ويخشى على نفسه أن يُفتن؛ أو أن يكون خوضهم فيه سب لآيات الله أو لنبيه فهنا يحرم تحريم شديد المكوث معهم بل لو أنه جلس معهم فهو منهم {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} فلا شك في نفاق من يرضى بالجلوس معهم وهم يخوضون في آيات الله.
17- إيذائهم: وهذه المسألة نسبية؛ فالأصل عدم إيذاء أي ذمي أو معاهد أما من ثبت ضلوعه في حرب على الله ورسوله أو إستهزاء بمسرحية أو ماشابه فلا بأس في ضربه وتأديبه على أن يكون هذا الأمر من ولي الأمر أولى.
هذه النقاط التي رأيتها جامعة وكافية لكل من سأل عن الضوابط الشاملة للتعامل مع الكفار سواء من أهل الكتاب أو غيرهم؛ وعلى المسلم أن يعرف أن هداية هؤلاء من عدمها لا تؤثر في إيمانه ولا يغرَّنه كثرة الأتباع أو قلتهم؛ فالعظة بالمنهج الصحيح وهو المُضِّي على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والله الموفق لما فيه خير وصلاح.
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلّم على إمام المجاهدين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين وبعد:
كثر السؤال من كثير من الحيارى في شأن التعايش مع اليهود والنصارى أو أي كافر أو مشرك بين ظهراني المسلمين سواء في دولهم ]ديار الحرب[ أو في دول المسلمين ]ديار السلام[ ولما حَرِصَ كثير من إخواننا ألا يتعدوا في معاملتهم للكفار حدود الله قمت بوضع الخطوط العريضة للتعامل بيننا وبين الكفار من الكتابيين أو الوثنيين أو غيرهم؛ بضوابط إسلامية وضعها لنا الشارع سبحانه ونبيه صلى الله عليه وسلم وأحسب أنها منجاة لمن تمسك منها وكافية وافية تُغني من يسأل عنها وقد أجزتها في نقاط وهي:
1- بدأهم بالسلام: فلا يبدأ المسلم اليهودي أو النصراني بصيغة السلام وهي "السلام عليكم" لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ( لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واضطروهم إلى أضيق الطريق) – متفق عليه , ولإمتعاض غالبيتهم عن الرد عليها, ولا بأس إن شاء الله ببدأهم بـ"مساء الخير" أو ماشابها من التحيات العُرفية خاصة إذا كان الأمر في ضرورة وتجنب ذلك قدر الإمكان وذلك أن النهي كان عن إلقاء "السلام" عليهم وليس "التحية"؛ وظاهره أنه لا سلام لهم ولا أمان من غير الإسلام وهذا قول حسن إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مامن يهودي أو نصراني من هذه الأمة (أمة التلبيغ) يسمع بي ثم لا يؤمن إلا دخل النار) - مسلم.
2- التعزية: يجوز للمسلم تعزية الكتابي أو الكافر مع مراعاة الألفاظ الدارجة في التعزية كما فعل سلفنا الصالح؛ فلا يقول مثلا ً (تقبَّل الله ميتكم) أو (رحم الله ميتكم) أو (عظَّم الله أجوركم) فهذه كلمات باطلة الإستعمال مع الكفار, فالله لا يتقبل الكافر إلا في نار جهنم وبئس المصير إلا أن يكون من أهل الفترة ولا يرحمه لإنه مات غير مؤمن به ولا يُعظِّم أجر ذويه لإن أعمالهم سراب وهم على الكفر وأعمال الكُفر لا تُعظَّم؛ ولكن يجوز أن يقول له (البقاء لله) أو (الحياة صعبة) أو (إشدد حيلك) فهذه الكلمات لا تخالف معتقدا ً شرعيا ً ولا حرج فيها إن شاء الله وأيضا ً يدعو له بالهداية والفلاح قبل نار وحريق لا ينفع معها وشاح والله المستعان.
3- تهنئتهم في أعيادهم: وهذا مفرق خطير, وتهاون فيه كثير من المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ وعلى المسلم أن يثبت ولا يضيره من يخذل أمر الله ممن يدعي الإسلام فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (نحن قوم لا نعرف الحق من الرجال ولكن نعرف الرجال من الحق) فمن يعرف الحق يعرف أهله, وأعياد الكفار تتعلق في غالبها بمناسبات دينية, فللنصارى عيد الغطاس وهو عيد يعتقدون فيه أن المسيح غطس في نهر الأردن حين تعميده من يوحنا المعمدان (النبي يحي), وعيد القيامة الذي يعتقدون فيه بقيامة المسيح من بين الأموات وأعياد أخرى كفرية كالكريسماس والهاجانا وغيرها توقع من يحتفل فيها في المهلكة, فإن قيل: لماذا لا نهنئهم بأعيادهم وهم يفعلون هذا مع أعيادنا ؟! نجيب: هم يهنئونا بأعيادنا لإنها لا تخالف معتقدهم؛ وهناك بون شاسع بين الأمرين فلو كان للمسلمين عيد مثلا ً إسمه (عيد إنكار موت المسيح على الصليب) لناقض هذا معتقدهم في موت المسيح المزعوم وصلبه ولناقض أيضا ً عقيدة الفداء؛ فبكل حتمية لن يهنأونا على هذا العيد ولذلك نحن لا نهنأهم بأعيادهم لإنها تخالف معتقدنا ولإنها زور والله يقول (والذين لا يشهدون الزور) قال إبن كثير والقرطبي : "أعياد الكفار".
4- مجالستهم: يحرص المسلم على ألا يجالس الكفار إلا أن يدعوهم إلى دين الله أو في حالات إضطرار شديدة كإجبار عليه من مدرسة أو جامعة أو غيره؛ وأن يُفسح لغيره من المسلمين المجالس وأن يجالس إخوانه من الإيمان ويؤثرهم بذلك عِوضا ً عن أهل النيران.
5- إعطائهم الهدايا: لا يجوز بأي حال شراء هدايا لهم وعلى فاعل هذا التوبة وعدم العودة إلى ذلك لإن فقراء المسلمين أولى بهذا المال عمن سواهم وكما قال نبينا عن مال المرئ في سؤاله (..وعن ماله من أين إكتسبه وفيما أنفقه) ولذلك يجب على المسلم توخي الحذر في إنفاق ماله في جهات مسؤوله.
6- البيات معهم: لا يجوز البيات مع كافر تحت سقف بيت واحد إلا المُكره أو المضطر وذلك لضرر كبير يُلحق بعقيدة المرء إذ أن هذا يُدخل الألفة بشكل غير مباشر.
7- إطالة الإقامة في أراضيهم: وأراضي الكفار يحرم على المسلم الإقامة فيها إقامة طويلة إلا من إضطر, لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إني برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين؛ لا توارى نارهما)- أبو داود, خصوصا ً أن ديار الحرب هي هدف مشروع للمجاهدين وتجنبا لوقوع إصابات من المسلمين هناك وأيضا ً لإن كثرة الإقامة هناك كفيلة بذوبان كثير من معتقدات المسلم وتقبله للحكم الوضعي الكفري الطاغوتي وإبداله بشرع الله وإحلال مكانه شريعة الجاهلية؛ ونتائج هذا كارثية وهذه من أهم الأسباب لنشوء العلمانيين والليبرالين في بلاد المسلمين فأكثرهم إغتربوا وفي قلوبهم إيمان أو بعض إيمان ورجعوا وقلوبهم من الإيمان خاوية على عروشها.
8- المزاح معهم ومحابتهم أو مودتهم: وهذا منهي عنه إلا في ضرورة أو خِداع في حرب فالحرب خدعة؛ أما دون ذلك فلا يجوز المزاح معهم ولا يُقابل هذا بالعبوس في وجوههم ولكن بالحديث معهم بشكل عادي إذ أن المزاح يورث في القلب مودة وحب وولاء لهؤلاء وهذا نهى عنه الشارع {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ }.
9- العدل معهم: فلا يجرمن المسلم بغضه لأي كافر فيظلمه وهذا محرّم على المسلمين, بل يجب العدل بصورة مطلقة في حال تخاصم أو مظلمة أو ماشابه لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
10- عدم نهبهم وأخذ أموالهم بغير وجه حق وغدرهم: كسرقتهم بحجة أنهم "كفار" أو ماشابه وهذه حجج باهتة وغير مأخوذ بها؛ ولا يجوز الحول على مال الكافر إلا في الحروب أو أن يكون حربيا ً.
11- مجادلتهم بالتي أحسن إلا من ظلم: فمن أهل الكتاب والمشركين والكفار من يلين معه الخطاب ومنهم من لا يفله إلا السيف؛ فجدال من أحسن لا يكون إلا بالتي هي أحسن وجدال من أساء لا يكون إلا بالتجاهل أو عدم الخوض أو السيف.
12- عدم سب آلهتهم: كأن يتم حرق صور معابدهم أو ماشابه حتى لا يسبوا الله عدوانا ً بغير علم {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } ولا يدخل في هذا الإمتثال لما أمر به الله كتحطيم أصنامهم التي يعبدونها من دون الله في ديار المسلمين وماشابهها من أمور.
13- حضور أفراحهم: يُكره حضور أفراحهم خاصة وأن الإختلاط والرقص والمجون والخنا من عادات ما يفعلونه في الأفراح؛ ولكن لا بأس بتهنئته بالزواج والدعاء له بالهداية عسى الله أن يُنجب من بين عصعصه من يوحد الله ويؤمن بالرسول, فأبو إبراهيم كان كافرا ً مشركا ً وإبنه أبو الأنبياء فانظر قدرة الباري.
14- العمل معهم: كان مشهود لبعض من صحابة رسول الله أنهم عملوا تحت إمرة يهود في تجارة وليس في الأمر حرج طالما أنه لا يفتنه في دينه ولا يضيق عليه تأديته على الوجه الذي يُرضي الله سبحانه وتعالى.
15- حضور كنائسهم ومعابدهم: لا يجوز دخول الكنيسة أو الكنيس (Synagogue) إلا أن يكون المسلم داعيا ً فيه إلى الله على بصيرة؛ أما الدخول إليها للتمتع ولأخذ ثقافة وهذه الحجج الواهية فلا يجوز ذلك بل يحرم إن تكرر وأديم.
16- عدم الخوض في الأمور العقائدية معهم: خاصة إن كان المسلم قليل الإيمان ويخشى على نفسه أن يُفتن؛ أو أن يكون خوضهم فيه سب لآيات الله أو لنبيه فهنا يحرم تحريم شديد المكوث معهم بل لو أنه جلس معهم فهو منهم {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} فلا شك في نفاق من يرضى بالجلوس معهم وهم يخوضون في آيات الله.
17- إيذائهم: وهذه المسألة نسبية؛ فالأصل عدم إيذاء أي ذمي أو معاهد أما من ثبت ضلوعه في حرب على الله ورسوله أو إستهزاء بمسرحية أو ماشابه فلا بأس في ضربه وتأديبه على أن يكون هذا الأمر من ولي الأمر أولى.
هذه النقاط التي رأيتها جامعة وكافية لكل من سأل عن الضوابط الشاملة للتعامل مع الكفار سواء من أهل الكتاب أو غيرهم؛ وعلى المسلم أن يعرف أن هداية هؤلاء من عدمها لا تؤثر في إيمانه ولا يغرَّنه كثرة الأتباع أو قلتهم؛ فالعظة بالمنهج الصحيح وهو المُضِّي على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والله الموفق لما فيه خير وصلاح.